لم تكد تنتهي مرحلة الذهاب في بطولة الدوري اللبناني بكرة القدم حتّى ودّع سبعة مدربين مناصبهم، أربعة منهم مع الفرق المنافسة على اللقب. وبات المدربون مكسر عصا وشماعة تُعلّق عليها الإدارات فشلها للتهرّب من المسؤولية.
البداية كانت أسرع من المتوقّع، فلم تنتظر إدارة الأنصار إنطلاق الدوري حتى أعفت المدرب الوطني إميل رستم من مهامه عقب الخسارة أمام العهد في كأس السوبر، بعدما كانت تعاقدت معه قبل نحو ثلاثة أشهر، لتعيّن الألماني روبرت جاسبرت بدلاً منه، دون أن يكون للأخير أي خيارات فنية على صعيد التعاقد مع اللاعبين أو الإستغناء عنهم. تسع مباريات قادها المدرب الألماني كانت كفيلة لتفسخ الإدارة العقد معه. قرارٌ لم يتفهّمه الجمهور الذي يطالب بالإستقرار والإبقاء على مدربٍ واحد ولو لموسمٍ على الأقل، بعد أحكامٍ بالإقالة شملت 13 مدرباً في السنوات الأربع الأخيرة.
بعدها بخمسة أسابيع قدّم مدرب الشباب العربي جلال رضوان إستقالته بعد الخسارة الثالثة للفريق، عازياً السبب إلى تدخّل الإدارة بعمله وإستعجالها لتحقيق الإنجازات بعدما كان قاد الفريق إلى الدرجة الاولى للمرة الاولى في تاريخه علماً أنه كان ينشط في الدرجة الثالثة قبل موسمين.
وبعد يومين أعلنت إدارة العهد فسخ عقد المدير الفني موسى حجيج بالتراضي بين الطرفين على الرغم من أن حجيج قاد الفريق في تسع مباريات رسمية ولم يخسر أي لقاء. ولحق مدرب النبي شيت الفنزويلي إنريكي غارسيا بزملاء المهنة، مقدماً استقالته بعد أربع خسارات متتالية.
لم يتأخر مدرب النجمة جمال الحاج لتقديم استقالته واللحاق بمن سبقوه بعد ضغوط ادارية اجبرته على خياره هذا، ليلقى مدرب طرابلس الالماني ثيو بوكير المصير نفسه في غضون ايام.
ويتردد في الشارع الكروي معلومات عن إحتمال تعاقد الأنصار والنجمة وطرابلس مع مدربين بدلاً من سامي الشوم وآرمين صناميان ووارطان غازاريان قبل إنطلاق الإياب في حين أن العهد سيكمل مع باسم مرمر، فتكون الأندية عادلت رقم الموسم الماضي قبل 11 مباراة قد تشهد المزيد من حلقات مسلسل الإقالات والإستقالات.
الحقيقة المؤلمة هي أن عمل المدربين في لبنان مرهونٌ بالنتائج حصراً، فالإدارات من جهة، والجماهير من جهة اخرى، لا ينظرون إلى العمل الذي يُبنى عليه للمستقبل، ولا يؤمنون بأن المدرب قد يبقى في موقعه لمواسم عدة ليحصد ثمار عمله. هذه الظاهرة غير الصحية تشير إلى اللاإحترافية والعشوائية في عمل إدارات الأندية، فهؤلاء يبدّلون المدربين عينهم ما يطرح سؤالاً حول المعايير التي تعتمدها في إختياراتها حتى على صعيد فرق الفئات العمرية التي تشكّل رافداً للفريق الأول.
تمادي إدارات الاندية في سلوكها هذا، سيدفع أي مدرب يحترم نفسه ومسيرته وعمله، للتفكير ملياً قبل التعاقد مع أيٍ منها، لا بل ان أنديتنا باتت ذات سمعة سيئة سيتجنبها المدربون المحترفون مهما بلغت قيمة العروض المقدمة لهم.
كل ذلك يضعنا أمام صورة قاتمة تتفنن برسمها ادارات بعض الاندية، التي تتخبط وتعمل بإرتجالية سواء في اختيار المدرب او في تقييم عمله، علماً ان معظم هؤلاء يعمل في ادارة الفريق الاول في النادي بشكل منفصل عن باقي الفرق ولاسيما فرق الفئات العمرية في النادي عينه، ليكون هناك منظومة مترابطة، ويعانون بالجملة من تدخلات ادارية في وضع التشكيلات وهي ظاهرة لم تعد موجودة إلّا في البيئات المتخلفة كروياً.
من هنا بات من الواجب دق ناقوس الخطر قبل السير على خطى الإدارات في بعض الدوريات الخليجية، التي ينظر إليها الغرب بصورة متخلّفةً من حيث التعامل مع المدربين واللاإستقرار الذي يعيشونه دائماً، ما يبقيهم في تصنيفات متراجعة على الرغم من وجود الإحتراف والمال، الغائبين أيضاً عن اللعبة في لبنان.
سوبر وان