بهدفي المهاجم الأبرز في الدوري، والصفقة الأنجح إياباً، تخطّى الأنصار غريمه النجمة 2-1 على ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية، ضارباً موعداً مع الإخاء الأهلي عاليه ضمن نصف نهائي كأس لبنان. مباراة القمّة لم تختلف عن أيٍّ من مباريات الفريقين هذا الموسم. التونسي حسام اللواتي يصنع، والسنغالي الحاج مالك تال يُسجّل. حسن معتوق يُراوغ المدافعين على الخط ويمرر لِمن تصله الكرة من زملائه. أمرٌ واحدٌ اختلف عن المواجهتين السابقتين، الأنصار فاز، والنجمة تابع سقوطه.
في تشكيلتي الفريقين، غاب المدافع البنيني محمد شمس الدين شاونا وزميله المهاجم علي علاء الدين عن النجمة، فيما دخل الأنصار مكتمل الصفوف. غيابان أثّرا بشكلٍ كبيرٍ على أداء «النبيذي» الذي كعادته في المباريات الأخيرة، بدا متواضعاً لولا مجهود بعض لاعبيه.
حكم المباراة القبرصي ديميتريو فاسيلاس لم ينتظر سوى دقيقتين ليُخرج البطاقة الصفراء من جيبه ويُنذر المدافع الغيني أبو بكار كمارا من أوّل خطأ. رسالة الحكم كانت واضحةً للاعبين. المباراة لن تخرج عن سيطرته وصافرته ستكون الفاصلة. هي اللقطة عينها كانت حدثت في اللقاء الأخير الذي جمع الفريقين في الدوري، لكن مُرتكب الخطأ حينها كان قاسم الزين دون أن يُنذر. فاسيلاس أشهر البطاقة مرةً ثانيةً في الدقيقة 11 لحسين عواضة، وكان يبدو أنه إذا استمرت الأخطاء على هذه الشاكلة، سيُخرج الحكم بطاقته الحمراء، وهو ما حصل مع طرد الحارس علي السبع في الوقت المحتسب بدلاَ من الضائع في الشوط الثاني، بعد إنذارين آخرين لإدريسا نيانغ وعبد الفتاح عاشور. ربما أطلق القبرصي الصافرة لإيقاف اللعب بسبب دخول المشجعين إلى أرض الملعب، وسقوط اللاعبين بداعي الإرهاق قبل التبديل، أكثر من عدد المرات لخطأٍ أو هدف.
ليس مستغرباً أن يلعب أفضل صانع أهداف في الدوري مثل هذه التمريرة الحاسمة التي سجّل منها الحاج مالك هدف السبق، كما ليس غريباً على هداف الدوري أن يُسجّل هكذا فرصة. ما فعله المدرب الأردني عبد الله أبو زمع كان له دورٌ في هذا الهدف، إذ وضع اللواتي في وسط الملعب بدلاً من الطرف، بعدما اعتمد على ثلاثة لاعبين في الدفاع، خمسةٍ في الوسط واثنين في الهجوم. في اللحظة التي وصلت فيها الكرة إلى اللاعب التونسي، لم يكن أمامه أيٌّ من لاعبي وسط النجمة، مقابل رباعي دفاع وثلاثةٌ من زملائه، الحاج مالك هو الأبعد بينهم، لكن اللواتي حافظ على الكرة ومررها حين تخطّى الحاج مالك الظهير علي حمام وانسل بين قلبي الدفاع ليهزّ شباك الحارس علي السبع.
اللواتي يصنع الأهداف، وسوني يصنع الأهداف أيضاً، وحسين عواضة قد يلعب هذا الدور، لكن ما لم يكن متوقعاً، أن يلعب قلب الدفاع حسن بيطار كرةً عرضيةً من الجهة اليمنى ليصنع هدف فريقه الثاني، ومن كان يحاول أن يقطعها من أمامه هو المهاجم محمود كعور. انقلبت الأدوار، والأنصار سجّل هدفاً ثانياً عبر سوني سعد، برأسيةٍ هي الثالثة له من بين الأهداف السبعة التي سجّلها.
في الشوط الثاني أدخل المدرب بلال فليفل المهاجم حسن المحمد ولاعب الوسط أحمد جلول. بالنسبة إلى جمهور النجمة، الأخير هو صفقةٌ غير ناجحة للفريق، لكن ما قدّمه اللاعب، كما يفعل في معظم المباريات، كان رسالةً ليست بجديدة إلى الجهاز الفني والمشجعين، مفادها أنّهم يُفرّطون بلاعبٍ قد يكون هو المنشود في وسط ملعب الفريق. وزّع جلول التمريرات يميناً في معظم الأحيان، نحو نادر مطر وحسن معتوق. مرر كرةً طويلةً ليختصر المسافة، قطعها كمارا لتصل إلى مطر ويلعبها بدوره إلى معتوق، وكما يفعل دائماً، مرَّ حامل الرقم 10 عن أول مدافع اقترب منه، سيّر الكرة على الخط ساحباً اثنين من المدافعين بعدما أبعد الثالث، ليلعب تمريرةً حاسمةً إلى مهدي زين، مُهدياً إياه هدفه الأول مع النجمة.
صيحات الجمهور بعد هدف تقليص الفارق قبل 20 دقيقةً رافقها دخول غازي حنينه لمساندة زملائه في الوسط بعد سحب سوني. تراجع الأنصار إلى الخلف وبقيَ الحاج مالك وحيداً في الهجوم. الكثافة العددية التي شكّلها أبو زمع لم تلغِ دور الطرفين في النجمة، ليُشرك المدرب الأردني الظهير يوسف عنبر بدلاً من حسن شعيتو "موني"، معززاً دفاعه على الجهة اليسرى، حتّى لا يتكرر سيناريو هدف زين، وإن عاد معتوق إلى الميسرة، فسيجد عواضة وحنينه، في حين أن اللواتي وعدنان حيدر يُغطيان الوسط أمام ثلاث قلب الدفاع. حتّى مع مشاركة علي الحاج، لم يتغيّر الكثير على النجمة وبقيت الأفضل لـ«الأخضر» الذي قاد أكثر من هجمةٍ مرتدة، حتّى اضطر علي السبع أخيراً إلى قطع إحداها خارج منطقة الجزاء، تاركاً فريقه من دون حارس قبل دقيقتين على ختام اللقاء.
بعد 180 دقيقة بمواجهة النجمة، نجح عبد الله أبو زمع أخيراً بإلحاق الخسارة بالغريم التقليدي، الذي تتوالي خيباته أسبوعاً تلو الآخر، حتّى خرج من جميع البطولات، مودّعاً المسابقة الآسيوية في الموسم المقبل، تاركاً المشاركة الثانية لفريقٍ آخرٍ بعد العهد.