يبدو غريباً حين يتحدّث الجمهور عن باسل جرادي اليوم، كإضافةٍ مهمّةٍ للمنتخب، على الرغم من أن مباراته الدولية الأولى كانت عام 2015. قد يكون الأمر طبيعياً، نسبةً إلى أن اللاعب غاب كثيراً عن المنتخب، غالباً لارتباطه بالأندية التي لعب لها، في النرويج خاصةً. غُيّب أيضاً عن مباراتين في كأس آسيا بسبب الخلاف مع المدرب الأسبق المونتنيغري ميودراغ رادولوفيتش، وأحياناً للإصابة.
لم يستفد منتخب لبنان من جرادي فعلياً، على الرغم من إشارة الجميع إلى إمكانياته الجيّدة، القادرة على خدمة المنتخب ككُل. ومع ذلك، في أغلب المباريات التي يلعبها، يبرز بشكلٍ واضح، ويكون من بين أفضل اللاعبين، أو أفضلهم، حتّى حين يظهر الفريق بصورةٍ متواضعة.
كسب جرادي الخبرة خلال السنوات الماضية، ليس الخبرة الفنيّة فقط، بل حتى بما يتعلّق بتمثيل منتخب لبنان. واليوم، بات لزاماً أن يستفيد المنتخب من خدماته، وربما، بناء فريقٍ حوله.
وسط، أم هجوم؟
قد يكون أحد أسباب امتناع باسل جرادي عن تجديد عقده مع نادي هايدوك سبليت الكرواتي، هو المركز الذي وُظّف فيه هذا الموسم. اللاعب الذي يُشير دائماً إلى رغبته في الهجوم، ليس كلاعبٍ فحسب، بل كمنظومة يلعب معها، وُظّف كلاعب ارتكاز في العديد من المباريات. بغض النظر عن ما إذا نجح في هذا المركز أم لم يفعل، فإن فعاليته الهجومية غابت تماماً، ولم يُسجّل أي هدف طوال الموسم.
في المنتخب لا يلعب جرادي خلف المهاجمين كما بدأ مسيرته. نجده في مركز الجناح الأيمن، ويذهب إلى الجهة المقابلة أحياناً، كما يلعب دوره بامتياز حين يتراجع إلى الخلف في عمليّة بناء اللعب. لعب كمهاجمٍ صريحٍ أيضاً، إنما ليس مع المدرب جمال طه، ومن الأجدر ألّا يشارك في هذا المركز، طالما ثمّة من هو قادر على شغله، كمحمد قدوح وهلال الحلوة.
ربما، مع عودة ربيع عطايا، يتغيّر مركز جرادي، لكن ذلك يعني إبعاد محمد حيدر عن التشكيلة، وربما نادر مطر، علماً أن الأخير يلعب دوراً دفاعياً أيضاً، في ظل مشاركة حسن معتوق الدائمة على اليسار، إلّا إذا.
ماذا عن معتوق؟
النقطة هنا، تتعلّق بمشاركة حسن معتوق. قائد المنتخب لم يلعب كجناحٍ أيسر في رسم (4-3-3) مع الأنصار. أصبح يلعب إلى جانب مهاجمٍ ثانٍ، لكن هذا قد يتغيّر مع استبدال المدرب العراقي عبد الوهاب أبو الهيل بالألماني روبرت جاسبرت. السؤال هو، هل يُمكن الاستفادة من معتوق في مركزٍ آخر؟ كما هل يشغل جرادي الجناح الأيسر، كما فعل في بعض مباريات فرقه؟ الإجابة تعود إلى المدرب جمال طه. الأخير لم يلعب أي مباراة بتشكيلة كاملة، بسبب غياب بعض المحترفين في الخارج، وغالباً، لن نرى المنتخب بالصورة الحقيقة إلا في التصفيات المونديالية، وحتّى ذلك الحين، سيكون الجهاز الفني قد كوّن صورة مبدئية حول شكل المنتخب بعد ثلاث مباريات لم تكن نتائجها مُرضية.
حول جرادي
لنفترض أن جرادي سيلعب في مركز الرقم 10. على يمينه ربيع عطايا أو محمد حيدر، وعلى يساره حسن معتوق، وأمامه محمد قدوح أو هلال الحلوة. خلفه لاعبٌ واحدٌ على الأقل قادر على افتكاك الكرة وقطعها واستراجعها، مثل فليكس ملكي، وبإمكانه المساندة هجومياً، مقابل تغطية من لاعبٍ ثانٍ، كنادر مطر.
جرادي قادر على تشكيل أكثر من ثنائية، مع ملكي أولاً، ثم معتوق، ومع أي مِن مَن يشغل مركزي الجناح الأيمن والمهاجم الصريح. تمريراته البينية دقيقة، وقادرة على قطع خطٍ دفاعيٍ كامل. استلامه للكرة جيّدة، ويحافظ عليها لتقدّم زميلٍ قبل التمرير. دور عطايا مهم في هذه النقطة. عرضياته وتسديداته البعيدة تُشكّل خطراً كبيراً على المنافسين.
الواقع، نحن بحاجةٍ إلى أن نرى مثل هذه التشكيلة قريباً، والتي قد تكون الأفضل حالياً. بناء فريقٍ هجوميٍ حول جرادي هو الحل الأنسب حالياً، خاصةً في ظل تراجع مستوى بعض اللاعبين.