لم يأتِ هذا الرأي بسبب نتيجة منتخب لبنان الأولمبي أمام كمبوديا (2-2) في تصفيات كأس آسيا. هو واقعٌ يجب الاعتراف فيه، قاله لنا العديد من المدربين الأجانب، على رأسهم صاحب الإنجاز التاريخي بالتأهّل إلى التصفيات النهائية لكأس العالم للمرة الأولى، ثيو بوكير. في لبنان مواهب، وبالإضافة إلى المشكلات العديدة التي تقف الأندية كما اتحاد اللعبة خلفها، فإن هذه المواهب، هي التي تدمّر نفسها أيضاً.
قبل نحو أسبوعين أطلَّ رضا عنتر - وهو بات يتحدّث عن كرة القدم اللبنانية أكثر من السابق في الفترة الأخيرة - في مقابلة، قال فيها إنّه ليس هناك أي لاعب لبنانيّ قادر على الاحتراف في أوروبا حالياً. لم يُفهَم كلام قائد منتخب لبنان السابق بشكلٍ صحيح من قبل بعض المتابعين. لم يكن عنتر يتحدث عن باسل جرادي أو عمر بوغيل، هو يقصد اللاعبين اللبنانيين الذين نشأوا في الأندية اللبنانية. يتحدّث عن «المواهب» التي ينشغل بها الجمهور في السنوات الأخيرة، تحديداً منذ أن منَع الاتحاد الأندية من التعاقد مع الأجانب، ما فتح الباب أمام الشباب الصاعدين للبروز أكثر.
ما لا يُدركه العديد من متابعي كرة القدم اللبنانية، أن في أي دوريّ حول العالم، ثمّة نجوم، بالنسبة إلى متابعي اللعبة في هذا الدوريّ، لكنّهم غير قادرين على تقديم الإضافة خارج حدودهم. هم أعلى من نظرائهم في البلد الواحد - وهنا الحديث عن الدوريات الضعيفة بطبيعة الحال - لكن بمجرّد أن يخرجوا إلى الواقع، حيث الاحتراف الحقيقيَ، يفهمون حجم الفجوة بينهم وبين الآخرين؛ يُمكن القول، أنهم يفهمون «حجمهم».
«مواهب» كرة القدم اللبنانية اليوم، تعلّمت ما تعلّمه أسلافهم. أولئك «نجّموا» بسبب طبيعة اللعبة في العالم، التي لم تكن قد وصلت إلى التطوّر الذي هي عليه اليوم. «نجوم» لبنان السابقين، كانوا أساساً في مرحلةٍ أعلى من «نجوم» دول شرق آسيا، وفي مستوى مشابه لـ«النجوم» في الدول المجاورة، كما أن اللعبة عالمياً، تطوّرت كثيراً منذ أواخر التسعينات، ما أدّى إلى اتساع الفجوة بين من لحِق هذا التطوّر، ومن تخلّف عنه، كحالة لبنان هنا.
ثمّة مشكلة أخرى تتعلّق بما ندعوه بـ«عقليّة» اللاعب، وهذه، من المفترض أن تكون ضمن أولويّات الأندية. في لبنان، نادراً ما نجد لاعباً «طنّش» وسائل التواصل الاجتماعي بعد مباراة فريقه (خاصةً في حال الفوز). يتسارعون إلى نشر صورهم، مع عبارات أجنبية (وهذا وحده كلامٌ آخر). الصورة باتت الحدث. يحدث أن نجد لاعبين ينشرون صوراً لهم، من الملعب، أو بعدها (لا علاقة لها بكرة القدم، حتّى بعد الخسارة)، مباشرةً بعد المباراة.
صدَق رضا عنتر لكنّه لم يقل شيئاً جديداً. ما قاله، ربما كان بارزاً لأنه رضا عنتر في نهاية المطاف. أحد أفضل اللاعبين في تاريخ كرة القدم اللبنانية، وأفضل المحترفين على الإطلاق.