ما الذي نريده من كأس آسيا 2023؟ السؤال من المفترض أننا نعرف إجابته قبل سنتين على الأقل، أو منذ تعيين الصربي ألكسندر إليتش مدرباً لمنتخب لبنان، لكننا لا نعرف الجواب فعلاً. من استبعاد اللاعبين المخضرمين لضم شباب، ثم استبعاد الشباب لمشاركتهم مع المنتخب الأولمبي، إلى إعادة ضم المخضرمين ووضعهم على مقاعد البدلاء، وصولاً إلى استدعاء معظم المحترفين في الخارج مهما كانت عمرهم. تخبّطٌ «مفهوم» في الجهاز الفني للمنتخب اللبنانيّ، لكن ما يبقى غير مفهوم، هو السؤال الذي طُرِح في البداية: ماذا نريد؟
هنا، وجِب سرد ما حصل مع المنتخب منذ استلام إليتش حتّى اليوم. استبعد ألكسندر مجموعة من اللاعبين من تشكيلة منتخب لبنان. قاسم الزين، محمد حيدر، ماهر صبرا، ألكسندر ملكي، نور منصور، ونصار نصار. جاء القرار مباشرةً بعد «تقسمية» المنتخب (وهذه المباراة وحدها «مسخرة»). عدد من هؤلاء كان لديهم مشكلة شخصية مع إليتش، أو بالأحرى، كان لديه مشكلة شخصيّة معهم. لم يُعطِ محمد حيدر مركزاً أساسياً، ولم يكن سيُعطيه أساساً، كما اختلف مع الزين، وهكذا استبعد الباقين، وقد خرجوا من الحسابات، وفي بالهم، أنه من الممكن ألا يعودوا إلى المنتخب طالما أن إليتش مدرباً.
أراد إليتش أن يُبلغ الجمهور أن المنتخب سيتغيّر. لم يكن الأوّل. جمال طه سبقه بالحديث عن «معدّل الأعمار»، وكذا ميودراغ رادولوفيتش، وكلاهما لم يُنّفذا ما تحدّثا عنه. حتّى الإيطالي جيوسيبي جيانيني قال الجملة عينها، لكنّه بعكس الثلاثة، نفّذ كلامه، ودمج اللاعبين الشباب بالمنتخب الأوّل، حتى قيل إن منتخب لبنان الأولمبي يلعب مع البرازيل والسعوديّة مباراتين وديتيّن، لكثرة الوافدين الجديد إلى الفريق.
خسر منتخب لبنان مبارياته الوديّة، ثم انتقل ليلعب دورتين وديتين. في الحديث مع عددٍ من اللاعبين، كانوا متأكّدين أنهم سيعودون إلى لبنان حاملين لقباً واحداً على الأقل. كانوا متحمّسين للعب في الهند، ثم كانت الصدمة بالخسارة في أوّل نهائيّ، ثم في الثاني. خسر إليتش قلّة من الجمهور الذي أعطاه الفرصة، وخسر رصيده إعلامياً، فكان التدخّل الإداريّ، بفرض عودة اللاعبين المستبعدين.
فجأة، عاد باسل جرادي، الذي تحدّث عنه إليتش بالاسم، ملمّحاً إلى أنه قد لا يلعب مع منتخب لبنان مستقبلاً، بقرارٍ فنيّ. لحقه ماجد عثمان الذي غاب هو أيضاً منذ «التقسيمة». عاد صبرا، والزين، وحيدر، وغاب منصور للإصابة، وملكي دون معرفة الأسباب. لكن الثلاثة، جلسوا على مقاعد الاحتياط في مواجهة تايلند (1-2)، علماً أن الزين وصبرا، كانا اللاعبان الوحيدان المستدعيان، اللذان يشغلا مركز قلب الدفاع. المشكلة الأكبر، كانت إصرار إليتش على تغيير مراكز اللاعبين. نادر مطر كظهير أيسر لأوّل مرة في مسيرته (رفض سابقاً أن يلعب دوراً دفاعياً حتّى في وسط الملعب مع مدربٍ سابق)، ومهدي زين ظهير أيسر في الهند وأيمن في تايلند! وليد شور (ولو أنه يُقدّم مستوى جيّد) في قلب الدفاع، كما محمد علي الدهيني (في الهند ومباريات ودية أخرى)، وجهاد أيوب (الارتكاز الناجح في فريقه الإندونيسي). ليس أن الخيارات غير موجودة لدى إليتش، لكنّه يُصر على عدم استدعاء مجموعة من اللاعبين في مراكزهم، ثم تغيير المراكز لاحقاً. فإلى جانب عدم الاعتماد على قلبيَ الدفاع، لم يُشرك الوافد الجديد عبد الله مغربي كظهير في مركزه الطبيعيّ، أو حتّى سوني سعد في مركز الظهير الأيسر الذي شغله لمباريات عدّة، حتّى في تصفيات كأس العالم! أساساً، حتّى في الهجوم، كان هناك «تخبيص».
إقالة فوريّة
هذه ليست «فورة» بعد خسارة مباراة. هو مطلب ضروريّ. صحيحٌ أن فترة 4 أشهر غير كافية للاستعداد لكأس آسيا وتصفيات كأس العالم مع مدربٍ جديد، لكن إليتش لم يقدّم شيئاً، وقد خسر اللاعبين أيضاً (تم التواصل مع بعضهم)، وعليه، فإن تغييره، لن يكون مضرّاً. ثمّ أنه من الممكن الاستعانة بمدرب «قريب»، أي أنه يعرف المنتخب، أو اللاعبين اللبنانيين. ليس شرطاً أن يكون لبنانياً، ولو أن الخيارات موجودة، على غرار باسم مرمر في رأس القائمة.
هنا، من الضروريّ الإشارة إلى أن إليتش ليس الشمّاعة التي يُلقى عليها اللوم في هذه الإخفاقات. هو يتحمّل المسؤولية بشكلٍ مباشر، لكنّه ليس الوحيد، بل المسؤول عن التعاقد معه في لجنة المنتخبات، كما الاتحاد بطبيعة الحال، والمدير الفنيّ المسؤول عن جميع المنتخبات. هؤلاء، عليهم واجب إقالة إليتش، وتحمّل الخسارة (أو تحميل كرة القدم اللبنانية الخسارة، مادياً، بسبب التفرّد بالقرار)، ثم، إن كان هناك من «يستحي»، الاستقالة.